العاشرة
رئيس التحرير
إسلام النحراوي

تهجير الفلسطينيين: مخطط مستمر رغم الفشل

تهجير الفلسطينيين
تهجير الفلسطينيين

لطالما سعت إسرائيل إلى تهجير سكان قطاع غزة ضمن خطط ممنهجة تعود جذورها إلى عقود سابقة، حيث ظهرت هذه الفكرة في دراسات صهيونية وأمريكية قبل الاعتراف الدولي بإسرائيل. ومع مرور الوقت، تحولت هذه الرؤية من مجرد نقاشات داخلية إلى طروحات رسمية يتم تناولها في المؤتمرات الدولية، أبرزها مؤتمر هرتسيليا، الذي يناقش مستقبل إسرائيل بمشاركة مسؤولين أمريكيين. وتُطرح خلاله فكرة إيجاد وطن بديل للفلسطينيين كأحد الحلول النهائية للقضية الفلسطينية.

مشروع العريش.. أولى محاولات التهجير الجماعي

في مارس 1970، نشرت صحيفة الدستور الأردنية تقريرًا بعنوان بدء تفريغ قطاع غزة من السكان. حينها، سعى الجيش الإسرائيلي إلى تهجير نحو 300 ألف فلسطيني إلى سيناء ضمن ما عُرف بـ مشروع العريش. وجاء هذا المخطط بعد احتلال إسرائيل للأراضي المصرية في أعقاب حرب يونيو 1967، حيث حاولت استغلال وجودها العسكري لتنفيذ خطة تفريغ القطاع من سكانه. إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل بعد تحركات عربية مكثفة وضغوط دبلوماسية على الولايات المتحدة.

مشاريع التهجير قبل 1970

لم تكن محاولة 1970 الأولى من نوعها، فقد سبقها طرح أمريكي في عام 1955 لإنشاء مشروع زراعي في سيناء بتمويل قُدّر بـ 30 مليون دولار، بهدف توطين عشرات الآلاف من الفلسطينيين هناك. إلا أن هذا المشروع انهار بعد اندلاع هبّة مارس، التي قادها الفلسطينيون رفضًا للمخطط، إلى جانب الموقف المصري الحاسم بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، الذي رفض تنفيذ المشروع.

عادت الفكرة مجددًا بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، حيث اقترحت تل أبيب منح مصر أراضي في صحراء النقب مقابل تخصيص جزء من سيناء لاستيعاب سكان غزة. لكن هذا المقترح اصطدم بشرط الرئيس أنور السادات، الذي طالب بضم ميناء إيلات إلى مصر، وهو ما رفضته إسرائيل.

استمرار المحاولات في عهد مبارك

في عهد الرئيس حسني مبارك، لم تتوقف المحاولات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين، حيث قُدمت عدة مقترحات عبر قنوات رسمية وغير رسمية، سواء بشكل مباشر مع القيادة المصرية أو من خلال وساطات أمريكية. ورغم الضغوط السياسية والاقتصادية، تمسكت القاهرة برفضها القاطع لأي حلول تتضمن توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم.

صفقة القرن.. محاولة أمريكية جديدة للتهجير

رغم الرفض الفلسطيني والعربي لمخططات التهجير، لا تزال هذه المقترحات تطرح كـ”حلول سياسية”. ففي عام 2020، وقبل انتهاء ولايته الأولى، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لحل القضية الفلسطينية، التي حملت عنوان السلام من أجل الازدهار، وعُرفت إعلاميًا بـ صفقة القرن. ورغم الترويج للمبادرة باعتبارها خطة للتنمية الاقتصادية، إلا أنها تضمنت بشكل غير مباشر تصورات لإعادة توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم.

وفي ولايته الثانية، عاد ترامب لإثارة القضية مجددًا خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث تحدث عن إعادة إعمار غزة وتحويلها إلى مكان صالح للعيش. ورغم عدم التصريح المباشر بتهجير السكان، فإن الطرح أعاد الجدل حول محاولات تفريغ القطاع بشكل تدريجي.

لماذا تفشل مخططات التهجير؟

يعود فشل المخططات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى عدة عوامل، أبرزها:

1. تمسك الفلسطينيين بأرضهم ومقاومتهم للاحتلال.

2. الموقف العربي الرافض لمشاريع التهجير،حيث تواصل الدول العربية، وعلى رأسها مصر والأردن، دعم مبدأ حل الدولتين لضمان حقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.

منذ عام 1955 وحتى اليوم، لم تتوقف محاولات تهجير الفلسطينيين، ورغم تغير الحكومات والخطط، فإن الثابت الوحيد هو رفض الفلسطينيين مغادرة أرضهم، وإصرارهم على حقهم في البقاء، في مواجهة ضغوط مستمرة لم تتوقف على مدار العقود الماضية.

 

تم نسخ الرابط