العاشرة
رئيس التحرير
إسلام النحراوي

تفاعلكم | 2024 عام سقوط الأسد وصعود التطبيقات الصينية

تفاعلكم
تفاعلكم

تفاعلكم | 2024 عام سقوط الأسد وصعود التطبيقات الصينية

في عام 2024، شهدت الساحة التقنية العالمية تحولاً كبيراً ومثيراً في مجالي السياسة والتكنولوجيا. فقد ارتبطت هذه السنة بظاهرة غير مسبوقة، وهي سقوط "الأسد" في العالم الرقمي، في إشارة إلى سقوط الهيمنة التقليدية لبعض الشركات الكبرى التي طالما تصدرت المشهد العالمي، وخصوصاً شركات التكنولوجيا الأمريكية مثل "ميتا" (فيسبوك سابقًا) و"جوجل" و"مايكروسوفت"، مقابل صعود غير متوقع للتطبيقات الصينية التي أصبحت تحتل مكانة بارزة في الأسواق العالمية.

الهيمنة الصينية: من الممنوع إلى المسموح

في العقدين الماضيين، كانت التطبيقات الصينية مثل "تيك توك" و"وي تشات" و"علي بابا" تواجه العديد من العقبات بسبب الحظر في بعض الدول الغربية، لا سيما الولايات المتحدة وأوروبا، حيث كانت تعتبر تهديدًا للأمن القومي بسبب المخاوف المتعلقة بالخصوصية وحماية البيانات. ولكن في 2024، تغيرت المعادلة بشكل جذري.

"تيك توك"، التطبيق الأشهر الذي يهيمن على منصات التواصل الاجتماعي، أصبح رمزًا للثقافة الرقمية الحديثة، وأثبت قدرته على منافسة العملاقة مثل "فيسبوك" و"إنستغرام". ومع تزايد شعبية "تيك توك"، برزت أيضًا تطبيقات أخرى مثل "وي تشات" التي أثبتت قدرتها على توسيع نطاق استخدامها لتشمل مجالات التجارة الإلكترونية، والرسائل الفورية، والخدمات المالية في الكثير من البلدان.

أما "علي بابا"، فقد عززت من ريادتها في التجارة الإلكترونية على مستوى العالم، مع توسع استثماراتها في مجالات الذكاء الصناعي والحوسبة السحابية، متفوقة بذلك على العديد من الشركات الأمريكية التي كانت تهيمن في هذه المجالات.

التحولات الجيوسياسية ودورها في الصعود الصيني

إن صعود التطبيقات الصينية في 2024 لم يكن مجرد تحول تقني، بل كان انعكاسًا لتغيرات جيوسياسية واقتصادية. فالتوترات التجارية والسياسية بين الولايات المتحدة والصين دفعت الأخيرة إلى تعزيز قدرتها على بناء بدائل محلية وعالمية لتطبيقات الإنترنت الغربية، وتقديم حوافز سياسية واقتصادية للشركات الصينية التي تريد التوسع في الأسواق الخارجية.

في المقابل، أظهرت بعض الحكومات الغربية مرونة غير مسبوقة في التعامل مع هذه التطبيقات، وذلك خوفًا من فقدان تأثيرها في المجالات التقنية والرقمية العالمية. حيث بدأت بعض الدول في إعادة تقييم مواقفها القانونية تجاه التطبيقات الصينية، وذلك بعد أن تبين أن هذه التطبيقات تحقق نجاحات استثنائية وتحقق نسب نمو عالية في سوق الشباب والمستهلكين حول العالم.

التغيرات في توجهات المستخدمين

من جهة أخرى، شكل المستخدمون جزءًا أساسيًا من هذا التحول. في 2024، أظهرت الدراسات أن منصات التواصل الاجتماعي الصينية أصبحت أكثر تفاعلًا وجذبًا للمستخدمين مقارنةً بالمنافسين الأمريكيين. الشباب حول العالم، خصوصًا في أمريكا اللاتينية وآسيا وأوروبا الشرقية، كانوا أكثر استعدادًا لاستخدام تطبيقات مثل "تيك توك" و"وي تشات"، حيث تقدم لهم هذه التطبيقات تجارب جديدة وابتكارات متجددة في التفاعل الرقمي، مقارنة بالتطبيقات التقليدية التي بدأت تُعتبر قديمة.

تحديات وصعوبات على الطريق

بالرغم من الصعود اللافت للتطبيقات الصينية، إلا أن الطريق أمامها لم يكن خاليًا من التحديات. فقد استمرت قضايا الخصوصية وحماية البيانات في فرض نفسها كأبرز القضايا الجدلية، خاصةً بعد سلسلة من الفضائح المتعلقة بتسريب البيانات أو استخدام البيانات الشخصية بطرق غير قانونية. كما أن الصراعات السياسية قد تظل تلقي بظلالها على علاقة الصين ببعض الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، مما قد يؤثر على استمرارية النمو في بعض الأسواق.

خلاصة

2024 كان عامًا فاصلاً في عالم التكنولوجيا، حيث شهدنا سقوط هيمنة بعض القوى التقليدية مثل "فيسبوك" و"جوجل" و"مايكروسوفت" على بعض أسواق التكنولوجيا، مقابل صعود التطبيقات الصينية التي اكتسبت قوة غير مسبوقة في هذا المجال. الصعود الكبير لتطبيقات مثل "تيك توك" و"وي تشات" يعكس قدرة الصين على التكيف مع التغيرات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، بينما يفتح الباب أمام تحديات جديدة في مجالات الخصوصية والأمن الرقمي.

ويبقى السؤال الأهم: هل ستستمر التطبيقات الصينية في الصعود، أم أن التوترات السياسية والاقتصادية ستكون لها الكلمة الفصل في مستقبل هذا النمو؟

تم نسخ الرابط